تحتفل دول العالم اليوم، 16 ماي، لأول مرة في تاريخها، باليوم العالمي للعيش معا في سلام
هذا اليوم اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر ديسمبر من العام المنصرم، وقد كان عبارة عن مقترح قدمته بعثة الجزائر بالأمم المتحدة، وصادقت عليه الجمعية العامة بالإجماع، أما مهندس الفكرة فهو جزائري يوجد على رأس طريقة صوفية.
قصة يوم السلام
تعود نشأة الفكرة، كما يوضح مسؤول الإعلام في الزاوية العلاوية، مولاي بن تونس، إلى فترة كان عمر شيخ الطريقة، خالد بن تونس، لا يتجاوز فيها 14 عاما.
وتولدت الفكرة حينما كان بن تونس بصدد قراءة ودراسة أبحاث في الفلسفة الإسلامية، كتبها مؤسس الطريقة، أحمد العلاوي، سنة 1911.
ووفق مولاي بن تونس، كان لعبارة وردت في هذه الأبحاث تقول إن ‘الإنسان متحد الحقيقة وإن تعددت أفراده »، وقع في نفس خالد بن تونس، جعله يتعلق بها.
وتكونت لدى بن تونس قناعة مفادها أن « الإنسانية عبارة عن جسد واحد لا يستطيع أن يستغني عضو فيه عن الآخر »، كما يوضح مولاي بن تونس، في تصريح لـ »أصوات مغاربية ».
وفي 2009، عندما احتضنت الزاوية العلاوية مؤتمرا بمناسبة مرور قرن على تأسيس الطريقة، بحث المؤتمرين تجسيد فكرة العيش معا، كما يؤكد مسؤول الإعلام، لذلك خرج المؤتمر بتوصيات في هذا الاتجاه، يضيف مولاي.
وفي مؤتمر انعقد بوهران في أكتوبر 2014، أعلن شيخ الطريقة، خالد بن تونس، عزمه تقديم طلب للأمم المتحدة لترسيم يوم عالمي للعيش معا في سلام.
وبعدما تم تأييد الفكرة، يقول مولاي بن تونس إن « الجمعية الدولية للطريقة العلاوية »، وهي عضو في المجلس الاقتصادي بهيئة الأمم المتحدة، قامت بوضع طلب بهذا الخصوص لدى جمعية الأمم المتحدة سنة 2015.
وفق مولاي بن تونس، تبنت الخارجية الجزائرية الفكرة وقدمت طلبا رسميا للأمم المتحدة، التي وافقت بالإجماع على ترسيم يوم 16 ماي يوما عالميا للعيش معا في سلام، يوم 8 ديسمبر 2017.
مبادرة ضد التشدد
مبادرة الطريقة هاته لاعتماد يوم عالمي للعيش بسلام تندرج، وفق ما سبق أن أكده شيخ الطريقة العلاوية، خالد بن تونس، في سياق « دور التصوف في محاربة التشدد ».
« نحن أبناء المدرسة الصوفية نعتقد أنه من واجبنا مساعدة مجتمعاتنا المسلمة على مواجهة الفكر المتشدّد والأزمات العقَديّة، التي أوصلتنا إلى معاداة وكراهية بعضنا، أوّلا كمسلمين »، يردف بن تونس.
ويضيف شيخ الطريقة ذاته: « نحن لا نفرض فكرنا على الآخر، ولم يحدث أن دعا المنهج المتصوف معتنقي المناهج الإسلامية الأخرى إلى تبني منهجه، لكننا نسعى معهم إلى طريق وسط يجمعنا على مبدأ قبول الآخر وعلى تبنّي ثقافة السلام والتسامح وكل ما ينفعنا كمجتمع ».
ووفق بن تونس، فإن « كل الأديان تعمل على تكريس مبدأ السلام والخير للإنسانية »، ما يفسر، كما يقول، ضرورة التعايش مع أتباع كل الديانات في العالم.
« تجمعنا الكثير من القيم كبشر، نحب الخير ونكره الشرّ، ويبقى الحوار هو ما يجمع بيننا، أما الاختلافات فهي طبيعة فينا علينا أن نقبلها من الآخر »، يضيف بن تونس.