اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال شهر ديسمبر الجاري، يوم 16 من ماي من كل سنة « يوما عالميا للعيش معا بسلام« ، وهي مبادرة تقدّم بها خالد بن تونس، شيخ الطريقة العلوية الصوفية في الجزائر

« أصوات مغاربية » حاورت بن تونس حول خلفيات هذا الحدث وما تحويه هذه المبادرة، كما دار الحديث حول المنهج الصوفي في الجزائر وكيفية تصدّيه للفكر المتشدد

المصدر

نص المقابلة

اعتمدت الجمعية الأممية مبادرتكم المسماة « اليوم العالمي للعيش معا بسلام »، كيف تم كل ذلك جاءت؟

هذه الفكرة قديمة، وهي لوالدي الشيخ أحمد بن مصطفى العلوي، الذي كتب في جريدة « البلاغ الجزائري »، سنة 1920 مقالا تحدث فيه عن رؤيته للإنسانية جمعاء

يقول والدي: « إن الإنسانية عبارة عن ذاتٍ واحدة، وكل الأمم الموجودة على هذه الأرض تمثل أعضاء في هذه الذات الإنسانية »، هذه الكلمات بقيت تحفر في وجداني منذ كنت صغيرا، وقد عملت على تحقيقها.

والحمد لله، ففي 8 ديسمبر الجاري، والذي صادف أسبوع المولد النبوي الشريف، وافقت 139 دولة في الأمم المتحدة على هذا المقترح، الذي هو في صالح البشرية.

حدّثنا عن فحوى مبادرتكم؟

هذه المبادرة تُلحّ على كل دول العالم بضرورة إدراج برامج دراسية في كل الأطوار التعليمية، تحث على ثقافة السلام والتعايش والتسامح بين جميع الأديان والأعراق، وهذا لتكريس هذه المبادئ الإنسانية بين الجميع مهما اختلفوا. لقد مر العالم بلحظات ظلم وعنف دامت سنوات طوال، ولا نريد أن تعيش الأجيال القادمة بأفكار وثقافة تدعو إلى الدّمار وإقصاء الآخر

مبادرتنا تدعو المسلمين والمسيحيين واليهود وكل الأعراق والطوائف إلى التقارب أكثر والتحاور، من أجل أن يزول العنف والظلم، وكل هذا تحت المبدأ القرآني: « وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا »

لا يزال الفكر المتشدّد يهدد السلم في الجزائر وغيرها من الدول، ما موقف الصوفية من هذا الفكر؟

نحن أبناء المدرسة الصوفية نعتقد أنه من واجبنا مساعدة مجتمعاتنا المسلمة على مواجهة الفكر المتشدّد والأزمات العقَديّة، التي أوصلتنا إلى معاداة وكراهية بعضنا، أوّلا كمسلمين

نحن لا نفرض فكرنا على الآخر، ولم يحدث أن دعا المنهج المتصوف معتنقي المناهج الإسلامية الأخرى إلى تبني منهجه، لكننا نسعى معهم إلى طريق وسط يجمعنا على مبدأ قبول الآخر وعلى تبنّي ثقافة السلام والتسامح وكل ما ينفعنا كمجتمع

انطلاقا من تجربتكم، كيف يمكنكم مواجهة الفكر المتشدّد؟

كمسلمين، نعتبر أنفسنا « أهل السنة والجماعة »، وكلمة جماعة هنا تعني الاختلاف والتعدّد في الرأي والمنهج وغيرها، وعليه فنحن نقبل بعضنا أوّلا، بعيدا عن الإقصاء

انطلاقا من هذا المبدأ، فإننا نعمل على دعوة هؤلاء المتشدّدين وغيرهم إلى الابتعاد عن منطق الإقصاء والاعتقاد بأنهم وحدهم على صواب وغيرهم ضال، وحوارنا معهم يكون تحت مبدأ « وجادلهم بالتي هي أحسن »

نحن نواجه هؤلاء من خلال العمل مع الشباب، فمثلا نتواصل مع المنظمات الكشفية، في العديد من دول العالم؛ في تونس والمغرب وتركيا ودول عربية وأوروبية كثيرة، من أجل إشاعة ثقافة التعايش والتحذير من الأفكار التي تدعو إلى التشدد والعنف وإقصاء الآخر

كيف تتعاملون مع معتنقي الأديان الأخرى؟

نتعامل معهم حسب مبادئنا، كبني آدم وكمسلمين، وبوصايا القرآن والسنة التي تحث كلها على الحوار والقبول بالاختلاف

​نعتقد أن كل الأديان تعمل على تكريس مبدأ السلام والخير للإنسانية، وتجمعنا الكثير من القيم كبشر، نحب الخير ونكره الشرّ، ويبقى الحوار هو ما يجمع بيننا، أما الاختلافات فهي طبيعة فينا علينا أن نقبلها من الآخر

كل من يرفض العيش وفق هذه المبادئ، سواء كان مسلما أو من الأديان الأخرى، فهو حرّ ولا نفرض عليه شيئا، وسنتركه هو وما يعتقده، المهم أن يبقى بسلام ولا يلجأ إلى كل فعل عنيف أو متشدّد

Contact Us

We're not around right now. But you can send us an email and we'll get back to you.

X